سيميائيَّة (الطائر والعش) قراءة في ديوان (العش المهجور) للشَّاعر محسن علي ياسر

الملخص

      تقرأ مناهج النقد الحديث النصوص الإبداعية من داخل لغتها؛ لذا ستعاين دراستنا لغة ديوان (العش المهجور) من منظور المنهج السيميائي؛ كون اللغة التي تُشكِّلُ النصَّ الأدبي هي من تحدِّد للقارئ الناقد ملامح المنهج المتبع لدراسته، ونصوص ديوان (العش المهجور) متسقة وفق رؤيةٍ تقوم على العلامات منذ الغلاف الخارجي للديوان حتى خاتمته.

    قرأت الدراسة العشَّ بوصفه علامةً تتناسل منه علاماتٌ أو شفراتٌ داخلية أخرى، فالعلامة الكبرى تحيلُ على المكان (الوطن)؛ ومعلوم أن المكان لا ينفصم عن الزمان، والطائر علامة على (الذات الشاعرة المهاجرة)، فتناضل شعرية الديوان لتنهي الهجرَ عن ذلك العش ليخضرَّ ويحيا، لكن لا يُنهي ذلك الهجرَ إلا الوصال، فتأبى الذات الشاعرة (الطائر) العودة والوصال إلَّا في زمانٍ أخضر؛ وفي نهاية الدراسة تنفتح سيمياء العلامة الرئيسة على سيميائيات صغرى داخلية، فتحيل على دلالاتٍ شتَّى تنفتح فيها شفرات التأويل على مستوى الفاعلية في ذلك الطائر بأنه ليس الشاعرَ ذاتَهُ، بل هو طائرُ المحبوبِ الذي طار فطار معه كيانُ الشاعر الشعري، فقد يكون ذلك الطائر دالًّا على موجدة شعرية غادرت لمغادرة أنثاها، وقد يكون غيثًا تخضرُّ به الأرض، وقد يكون تعميرًا لوطنٍ سعيد، وقد يكون رؤية سياسية ماضية في نمطٍ جديد وحديث، وقد يكون خَلقًا لوعيٍ فكريٍّ معاصر، والمهم والأهم هو إنه يصنع زمانًا جميلًا، ومكانًا أجمل كما مرَّ في دراستنا، فتكون تلك العودةُ الزمانية عودةً تقدُّمية لا عودةً رجعية.

   أسهمت اللغة الإبداعية لنصوص الديوان في تعيينِ ملامح منهجٍ قرائيٍّ من مناهج النقد الحديث؛ لدراستها فهي تشير إلى هذا المنهج؛ لأن طبيعة النَّص المقروء هي من تحدد للناقد منهجية قراءته ــ كما أسلفنا ــ وفق رؤية النقد الحديث. من هنا يتجلَّى دور اللغة الإبداعية لنصوص (العش المهجور) في تحقيق الاستدامة المنشودة على المستوى الإبداعي انطلاقاً من اللغة الشعرية إلى تحديد المنهج القرائي المتبَّع. ثم ذيلت الدراسة بخاتمة حوت أهم نتائج البحث وبعض التوصيات.